للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول الشافعي: أنه يجيز في الأموال شهادة رجل ويمين، ولا يجيز امرأتين ويمين، فقد تكلمنا في ذلك في المسألة على العراقيين وعليه بما فيه كفاية إن شاء اللَّه.

[[شهادة النساء]]

وأما قول أبي حنيفة وأصحابه، فإن منهم من أجاز شهادة النساء في النكاح والطلاق، ومنهم من أجازها في النكاح، ولم يجزها في الطلاق (١)، ولا أعلم فرقًا، إذ النكاح والطلاق جميعًا إنما تُراد الشهادات عليهما من أجل الأنساب وحياطتها، وليس يجوز عندهم شهادتهن في النسب، الذي من أجله أمر بالشهادات على النكاح والطلاق، وإيجابِ الحدود ودرئها.

فإن قالوا: قد تشهد عندهم القابِلة في الولادة، وهو النسب، وعند الشافعي: أربع نسوة (٢)، وعندنا: امرأتان، وقد نَحَلونا ذلك.

قلنا لهم: ليس الأمر على ما ظننتم، نحن إنما نُجيز شهادة المرأة على الاستهلال الذي يوجب الأموال لا هلال المستهِل، فأما الولادة فإن القولَ قولُ المرأة إذا عُلم الحمل، وفي الحيض إذا جاءت بما يشبه كونه، لقول اللَّه عز وجل: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، فذلك مَوكول إلى أمانتهن، ومقبول فيه قولهن.

وقول العراقي: واحدةٌ، خطأٌ، لأن اللَّه تبارك وتعالى لم يرض واحدة، وذكر العلة فقال عز مِن قائل: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢].


(١) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٢٣١).
(٢) الأم (٦/ ٢٦٨) (ط المعرفة).

<<  <  ج: ص:  >  >>