للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان هذا الفعل في الإماء في الجاهلية فكان مقرونًا بكفرهم، فلما جاء الإِسلام نسخ ذلك كلَّه، وقيل: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣]، فكل من دخل في الإيمان من حُر وعبد فقد حرَّم اللَّه عليه الزنا.

[[خطاب الكفار بفروع الشريعة]]

وقوله عز وجل: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}، دليل على أنه لا تحريم على الكافرين، وأنه لا اعتراض لنا في زناهم (١) وفسوقهم وخمورهم إذا أقررناهم على أنهم لا {يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}، وإذا لم يحرم اللَّه عليهم الزنا لتضاف أعمالهم إلى كفرهم، فيكمل عذاب اللَّه عليهم، فلا خطاب عليهم في تحليل ولا تحريم حتى يدخلوا في الإِسلام، وإلى هذا دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنفذ رسله إلى الأمصار من معاذ وغيرِه، قال: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه، فإن قبلوا ذلك منك فأعلمهم بأن عليهم صلاة وزكاة" (٢)، فلا شريعة ولا أمر ولا نهي إلا بعد الإيمان.

وإن احتج محتج بقول اللَّه عز وجل: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: ٥].

قيل له: معنى حل لهم إنما هو حل لكم أن تُطعموهم، فأما أن يظن ظان أن قولنا لهم: إنه حل لكم، وهم يدفعون الكتاب الذي فيه هذه الآية، كيف يكون منهم القبول، هذا ما لا يظنه ذو فهم ومعرفة.

* * *


(١) في الأصل: زنايهم.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>