للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن شهاب: فذكرت حديث عُروة لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث (١) بن هشام فقال: واللَّه إن هذا العِلمَ ما سمعتُ به، ولقد سمعت رجالًا يذكرون أن من كان يُهِلُّ بمَناة الطاغية كلُّهم كانوا يطوفون بالصفا والمروة، فلما أمر اللَّه عز وجل بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة قالوا: يا رسول اللَّه، إنا كنا نطوف في الجاهلية بالصفا والمروة، فتحرَّجنا في الإسلام أن نَّطَّوف بهما من أجل أن اللَّه عز وجل أمر بالطواف بالبيت، ولم يأمر بالطواف بالصفا والمروة معه، حتى أنزل اللَّه عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، قال أبو بكر بن عبد الرحمن: فالآية قد أُنزلت في الفريقين جميعًا الذين كانوا يتحرَّجون في الجاهلية، والذين كانوا يتحرَّجون في الإسلام (٢). وقال مجاهد والشعبي وأنس مثل ذلك.

[السَّعي بين الصفا والمروة]

قال القاضي -رضي اللَّه عنه-: فأَعْلَم اللَّه تبارك وتعالى عباده أنها من شعائر اللَّه، وأنه لا جُناح على من كان يتحرَّج، فثبت الطواف بهما لأنهما من الشعائر.

قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خذوا عني مناسككم" (٣)، وإنما أخذ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مناسك إبراهيم عليه السلام، وقد تطوَّف بهما، وتطوَّف المسلمون بهما، وثبت الطواف بهما، وصار واجبًا ليس لأحد تركه، وهو من فرائض الحج، واللَّه أعلم.

* * *


(١) هو المدني، انظر تقريب التهذيب (ص ٦٢٣)، رقم الترجمة ٧٩٧٦.
(٢) متفق عليه، رواه البخاري برقم ١٦٤٣، كتاب: الحج، باب: وجوب الصفا والمروة، ومسلم (٤/ ٦٩)، كتاب: الحج، باب: بيان أن السعي بين الصفا والمروة رُكْن.
(٣) شطر حديث رواه مسلم (٤/ ٧٩)، كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة، من حديث جابر -رضي اللَّه عنه- بلفظ: "لتأخذوا مناسككم. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>