٢٨٢ - {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا}، وهو المُسيءُ الفِعال في ماله، {أَوْ ضَعِيفًا}، وهو المُخْتَلُّ العقل الذي يُوَلّى عليه، {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}، معناه: فليُقِرَّ وليه بما عليه، وليشهد بما أشهد الولي به في مال المولى عليه إذا كان مأمونًا، فهو لازم له.
فظاهر قول اللَّه عز وجل:{وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ}، يدل على أن القول قول من عليه الشيء، ومما يقوي ذلك قوله تعالى:{وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا}، وَعَظَهُ لَمّا جُعِل القول قولَه.
فالسفيه هاهنا: المستحق للحَجْر عليه في ماله، والضعيف في عقله والمجنون والمعتوه، والذي لا يستطيع أن يُمِلَّ: الصغير، وهذا القول هو الذي نعمل به دون الذي قدمنا ذكره، لأن هؤلاء جميعًا يوَلَّى عليهم، فلما قيل:{فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} عُلم أنه يولَّى عليه للعلة التي وصفنا.
وقد ذُكِر السفيه في غير موضع آخر من القرآن، ودلت مواضعه على أن بعض ذلك أريد به السفه في الدين خاصةً، وبعضه أريد به المال، قال اللَّه عز وجل:{آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ}[البقرة: ١٣]، وقال عز وجل:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}[البقرة: ١٤٢]، فعُلِم أن السفه هاهنا في الدين.