أعلمنا اللَّه تبارك وتعالى أن الذين قالوا هذا القول، قالوا منكرًا من القول وزورًا لأنهم صَيَّروا أزواجهم كأمهاتهم، وهن لا يصرن كأمهاتهم، ولا كذي أرحامهم أبدًا، لأنهن لا يحللن له أبدًا، والأجنبيات ليس كذلك، وكان من طلاق الجاهلية، فأخرجه اللَّه تبارك وتعالى من باب الطلاق إلى باب الكفارات، ثم أعلمنا كيف الحكم على الناس كلهم إذا قالوا هذا القول، فقال عز من قائل:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٣]، الآية وما بعدها.
وقد رُوِيَت أخبار فيمن تظاهر على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان ظاهر بعض ذلك يدل على أنهم فعلوا ذلك قبل نزول القرآن، وكان ظاهر بعضها يمكن أن يكون ذلك منهم قبل نزول القرآن، ويمكن أن يكون بعده.
وقد روى عروة، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها، إن المرأة لتناجي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أسمع بعض كلامها ويخفى علي بعضه، إذ أنزل اللَّه تبارك وتعالى:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}(١).
(١) رواه الإمام أحمد في مسنده برقم ٢٤١٩٥، والنسائي في سننه برقم ٣٤٦٠، كتاب: الطلاق، باب: الظهار، وابن ماجه في سننه برقم ١٨٨، كتاب: السنة، باب: فيما =