٢ - قال اللَّه سبحانه:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}
[الإشهاد على الرَّجْعَةٍ]
قال مالك: الإشهاد على الرَّجْعَة واجب لرفع الدعاوى، وتحصين الفروج والأنساب، لأن الطلاق إذا عُلِم، وارتجع ولم يُشهِد، جاز للمرأة إذا انقضت عِدَّتها أن تتزوج إذا لم يُعلم، ولم يُلتفت إلى دعواه قد ارتجعت.
وقد يجوز أن تكون المرأة أيضًا تكرهه وتأباه، فتكره الرجعة، فلذلك ما أمر اللَّه بالإشهاد فيها.
ولا يجوز في الشهادة على الرَّجْعَة إلا شهادةُ ذوَي عدل من الرجال، وليس يجوز في هذا شهادة النساء، لأن اللَّه عز وجل دَلّ على أقل ما يجزئ، كما دل في الأموال على أقل ما يجزئ من الشهادة، وقال في الزنا:{فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً}[النساء: ١٥]، وقال:{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}[النور: ٤]، يريد أقلَّ ما يجزئ، ففرق سبحانه وجل ثناؤه بين حكم الأبدان والأموال، فأجاز شهادة النساء في الأموال، ولم يُجزها فيما كان حكمًا في الأبدان، من حدود ونكاح وطلاق، وما أشبه ذلك.
وقد يجوز أن يقول قائل: فأنتم تجيزون شهادتهن في الاستهلال.
قلنا: لأنه مال، ولأنه لا يُشهد في الاستهلال مع الحياة، لأنه غير محتاج إليه، وإنما تقع الشهادة عليه بعد تلف الصارخ المُسْتَهِل، وهو شيء يؤدي إلى المواريث والأموال، ليس فيه حكم في بدن.