٣٧ - قال اللَّه تبارك وتعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ}
روى ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب في حجة الوداع فقال:"يا أيها الناس اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف، أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وإنكم ستلقَون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن كلَّ ربًا موضوع، لكم {رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}[البقرة: ٢٧٩]، فقضى اللَّه تبارك وتعالى ألا رِبًا، وإن رِبا العباس بن عبد المطلب موضوع كله، وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضعُ دمَ ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، كان مسترضَعًا في بني ليث فقتلته هذيل، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية.
وإن الشيطان قد يئس أن يُعبد بأرضكم، ولكنه أن يطمع فيما سوى ذلك مما تُحاقِرون من أعمالكم فقد رضي، فاحذروه أيها الناس على دينكم.
وإن النسيء {زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ}[التوبة: ٣٧]، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللَّه السماوات والأرض، و {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}، {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}[التوبة: ٣٦]، ثلاثة متوالية، ورَجَبُ مُضَر الذي بين جُمادى وشعبان"، وذكر سائر الحديث (١)، ورُوي مثلُ ذلك عن جماعة.
(١) رواه بهذا الإسناد الحاكم مختصرًا في المستدرك (١/ ٩٣)، كتاب: العلم.