حرم اللَّه تبارك وتعالى الخمر في هذه الآية بقوله:{فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، بيانًا شافيًا بعد تحريم خفي عن البعض، وذلك أن أول ما أنزل فيها لما شرب من شرب من الصحابة، فقرأ القارئ: أعبد ما تعبدون: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}[النساء: ٤٣]، ثم شرب قوم ففاخروا عند السكر من قريش والأنصار، فأخذ رجل من الأنصار لَحْيَيْ جزور فضرب به أنف رجل من المهاجرين ففزر أنفه، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ}[البقرة: ٢١٩] فسماها إثمًا، وقال:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ}[الأعراف: ٣٣] بعد أن سماها إثمًا، ثم أنزل اللَّه تبارك وتعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى قوله عز من قائل: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، ثم قال:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}، يعني ما جرى بين قريش والأنصار، {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} يعني الصلاة التي خلطوا فيها، فدل كتاب اللَّه وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- على تحريمها.