للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٣ - قال اللَّه تبارك وتعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} الآية

[[الاستغفار للمشركين]]

كان قوم يستغفرون لآبائهم الذين توفوا في الجاهلية، ويحتجون بقول إبراهيم لأبيه: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: ٤٧]، فكان يستغفر له، وذهب عنهم قوله: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: ١١٤]، يعني ترك الاستغفار، وقوله في هذه الآية أيضًا: {وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣]، وليس يتبيّن ذلك إلا بعد الموت، وإنما أَيِس إبراهيم عليه السلام لما مات أبوه، فيجوز للإنسان أن يدعوَ لأبويه الكافرين ما داما باقِيَين، يرجو من اللَّه أن يتوبَ عليهما ويرزقهما الإسلام، فإذا ماتا على كفرهما حَرُم ذلك عليه، لأن الآية فيمن مات على كفره.

وأما قوله: {لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا}، إنما ذلك لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يشكر أفعال أبي طالب فقيل: إنه لما مات قال: "رحمك اللَّه، فلقد كنت ولقد كنت" (١)، فلما رأى المسلمون ذلك استغفروا لآبائهم، فنزلت الآية، وما الإسناد في ذلك بالقوي.


(١) الذي وقفت عليه عن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: لما مات أبو طالب قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رحمك اللَّه، وغفر لك يا عم، ولا أزال أستغفر لك حتى ينهاني اللَّه عز وجل". المستدرك رقم ٣٢٩٠ كتاب: التفسير، تفسير سورة التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>