للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قتادة مثل ذلك، وأن أهل الجاهلية كانوا يفعلونه حتى نزلت الآية (١).

[[المماثلة في الحرية والجنس]]

قال أبو مصعب: قال مالك -رضي اللَّه عنه-: أحسنُ ما سمعتُ في تأويل هذه الآية: الحر بالحر يريد: الجنس، الذكر والأنثى سواء، وكذا العبد بالعبد، الذكر والأنثى سواء (٢).

وإعادة ذكر الأنثى بالأنثى إنكارًا لما كان من أمر الجاهلية، ألا تراه سبحانه قال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥]، فالمساواة في ذلك: الحرية في جنسها، والعبودية في جنسها.

وزعم أهل العراق أنهم يقتلون الحر بالعبد، والمسلم بالكافر، وسوَّوا بينهم (٣).

وقد فرَّق اللَّه وجعل القصاص بالتساوي، وفرَّق بين الحرية والعبودية، وبين المسلم والكافر، فلم يوجب على من قذف كافرًا وعبدًا ما أوجبه على من قذف حرًّا مسلمًا، والحدود يُرَد بعضُها إلى بعض.

وقد ناقضوا أيضًا فزعموا أنهم يقتلون الحر المسلم بالعبد الكافر، ولا يَفْقَأون عينه بعينه، وكذلك سائر الجِراح وذلك في نسق الآية، فزعموا أن النفس تساوي النفس، واليد لا تساوي اليد (٤).


(١) رواه ابن جرير (٢/ ١٠٨).
(٢) الموطأ برواية أبي مصعب برقم ٢٣٢٥، كتاب: العقل، باب: القصاص في القتل، بمعناه لا بلفظه.
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٦٧) وما بعدها، في قتل الحر بالعبد، و (١/ ١٧٣) في قتل المؤمن بالكافر.
(٤) قال الجصاص في أحكام القرآن (١/ ١٦٧): "قال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، رضي اللَّه عنهم: "لا قصاص بين الأحرار والعبيد إلا في الأنفس. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>