[عموم المغفرة للمذنبين من أمته -صلى اللَّه عليه وسلم-]
الرواية في هذه الآية كثيرة، وأنها توجب الغفران لكل من لم يشرك، وأن اللَّه تبارك وتعالى يغفر الكبائر مع الصغائر لمن لشاء، ويعذب من يشاء في الدنيا والآخرة، فضله يؤتيه من يشاء.
ولا أعلم اختلافًا بين أهل العلم في ذلك إلا من قال بالوعيد (١)، وليس هم من أهل العلم بحمد اللَّه، فإنهم زعموا أن اللَّه لا يغفر الكبائر إلا للتائب، ولو كان كما قالوا لخَلَت الآية من الفائدة، لأن الشرك أيضًا مغفور للتائب قبل أن يُغرْغِر، فلا فائدة في قوله سبحانه وتعالى -ونعوذ باللَّه من أن نقول ذلك-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، لأن التائب من الشرك والكبائر مغفور له، وغير التائب منها غير مغفور له، فما الفرق الذي أوجبته الآية بين الشرك وسائر الكبائر؟
وهم قوم أعمى اللَّه قلوبهم وأصمهم وأعمى أبصارهم، وأغنى عن الحجة عليهم، وينبغي للعبد أن يكون خائفًا راجيًا، مُقَدِّمًا للتوبة والندم.
* * *
(١) القائلون بالوعيد هم الوعيدية، وهم فرقة من فرق الخوارج، يقولون بتكفير صاحب الكبيرة وتخليده في النار، انظر: الملل والنحل للشهرستاني (ص ٢٢).