للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك: تُشْهِد المرأة على زوجها بالطلاق إن خافت مُناكَرَتَه شاهدين، ولا يجوز في ذلك غير الرجال، لأن ذلك من حكم الأبدان، لأنها جنس والأموال جنس.

وإنما جازت شهادة النساء في الأموال، لأنها أيسر خَطْبًا من الأبدان، ولذلك جاز فيها الشاهد واليمين، وجاز فيها رد اليمين وما أشبه ذلك، وليس يشبه الأموال حكم الأبدان، لأن التبايع يصح بين المتبايعين وإن لم يَحضرهما أحد، والنكاح لا يصح إلا بعلم غير المتناكحَين، وأحكام الطلاق تابعة للنكاح.

وقد أجمعوا معنا أن شهادة النساء لا تجوز في الحدود، فالنكاح والطلاق بالحدود وبحكم الأبدان أشبه منه بالأموال.

وقال بعضهم: في الحدود والطلاق، ويجوز في النكاح، فدل اختلافهم على أن شهادة النساء لم تَرِد على العموم، وإنما هي في الأموال خاصة.

قال بكر: ثم تأملت كل ما روي عن الصدر الأول والثاني، فمنهم من قال: لا تجوز في الحدود، ومنهم من قَرَن مع الحدود النكاح والطلاق، ومنهم من استثنى جراح الخطأ، فدل ذلك كله على أنهم أرادوا ألا تقبل شهادتهن فيما قال اللَّه تبارك وتعالى: {أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}، والذي قيل فيه: {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، واللَّه أعلم.

[[القضاء بالشاهد واليمين]]

فأما الحكم في الأموال بشاهد ويمين، فشيء أوجبه خفي القرآن، فأوجبته السُّنّة والنظر، فمن ذلك أن اللَّه تبارك وتعالى قال: {آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢]، ثم قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢]، والآمر بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>