للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مُغيث حين بيعت (١)، فلما خُيرت بعد العتق، عُلم أنه لم يكن البيع طلاقًا، وأنه ليس بيد السيد من ذلك شيء.

[هل يملِك العبد؟ ]

وقد تعلق العراقي بهذه الآية وكذلك الشافعي في العبد لا يملك (٢)، ولو تأملوا ما قرؤوا لأغنَوا عن التعب بهم، هاتان الآيتان نزلتا مع غيرهما ضربَ أمثالٍ للربوبية، ألا تراه قال عز مِن قائل: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٧٣ - ٧٤]، ثم قال سبحانه: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ


= عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما أنه كان يقول: "من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد، ليس بيد غيره من طلاقه شيء"، قال ابن عبد البر في الاستذكار (٦/ ١٢٥): "أما قول ابن عمر: "فالطلاق بيد العبد" فعلى هذا جمهور العلماء، ولم يختلف في ذلك أئمة الأمصار، كلُّهم يقول: الطلاق بيد العبد لا بيد السيد، وكلهم لا يجيز النكاح للعبد إلا بإذن سيده. وشذت طائفة فقالت: الطلاق بيد السيد، وأعلى من روي ذلك عنه: عبد اللَّه بن عباس، وجابر بن عبد اللَّه. . . فهؤلاء قالوا: بأن الطلاق بيد السيد، وأما القائلون بأن الطلاق بيد العبد فهو الجمهور على ما ذكرت لك، منهم: عمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد اللَّه بن عمر رضوان اللَّه عليهم، ومن التابعين: سعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن، وابن سيرين، ومكحول، وابن شهاب، الزهري، والضحاك بن مزاحم، وعليه جماعة فقهاء الحجاز والعراق أئمة الأمصار".
(١) روى البخاري في صحيحه برقم ٥٢٨٣ كتاب: الطلاق، باب: شفاعة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في زوج بريرة، حديث مغيث وبريرة، وفيه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لبريرة بعد عتقها: "لو راجعته"، قالت: يا رسول اللَّه تأمرني؟ قال: "إنما أنا أشفع"، قالت: لا حاجة لي فيه.
(٢) انظر: الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن (٣/ ٣٦٠)، والأم (٥/ ٤٦ ط المعرفة).

<<  <  ج: ص:  >  >>