اختلف السلف في ذلك، فقال قوم:{عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} قبل التحريم، {وَمَنْ عَادَ} بعد التحريم.
وقال آخرون:{عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} يعني القتلة الأولى التي أوجب فيها الجزاء.
فمن قال بالأول على العامد الجزاء كلما عاد، ومن قال بالقول الثاني قال: الانتقام في الآخرة، ولا جزاء عليه في الأول أولًا، لأن اللَّه عز وجل في سائر ما حرم قال:{عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}، يريد: ما كان قبل نزول التحريم، والذين حملوه على الانتقام عقوبة، وقد قال اللَّه عز وجل:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}، فكان مُخرق الثوب عليه قيمته، وقال عز وجل:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] فمن خرق ثوبًا ألزم قيمته، وقد قال اللَّه عز وجل حين أوجب الجزاء:{لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} بالجزاء، {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} قبل التحريم: {وَمَنْ عَادَ} بعد التحريم {فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} بالجزاء، هذه عقوبته وانتقامه، وذلك في أول مرة، فقتل في الحرم وهو مُحرِم الصيدَ، فإذًا جعل أن (١) ذلك عطفًا على {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} إلى قوله عز من قائل: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا} وينتقم اللَّه بذلك العزم منه، واللَّه أعلم.