للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما وقَّت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المواقيت قال: "يستمتع المرء بأهله وثيابه" (١)، فعُلم أن ذلك للرفق بهم.

وقال تبارك وتعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: ١٩٧] فبقوله فمن يوجب فرضًا في غيرهن؟ والفرض: التلبية، وهو الإهلال بالحج، لم يختلف الصحابة والتابعون في ذلك، ويستحب أن يكون فرض الحج في الشهور، فمن قدَّمه لزمه ما ألزم نفسَه، وفرضُ الحج إيجابُه، فمن أوجب على نفسه شيئًا فقد فرضه، واسم الفرائض مشتق من ذلك.

[[بم ينعقد الإحرام؟ ]]

إلا أنا نستحب له أن يكون الإيجاب بالتلبية على ما مضى عليه العمل، على أن جماعة من العلماء قالوا: إذا أَشعر، وقلَّد هديه، يريد الإحرام فقد أحرم، وهو مذهب مالك -رضي اللَّه عنه-، ولا أعلم أحدًا من أهل العلم يخالف في ذلك.

وإنما اختلفوا إذا أشعر هديه وهو لا يريد الإحرام، فالذي يذهب إليه مالك ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه وجَّه بهديه ثم لم يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم (٢)، والذي لم يمسك عنه: النساء، والطِّيب، وما أشبهه، وقد روت أم سلمة أنه أمسك عن أخذ الشعر وما أشبهه (٣).


(١) رواه الإمام الشافعي في الأم (٣/ ٣٤٤)، باب: في المواقيت، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى برقم ٩٠٠ كتاب: الحج، باب: من استحب الإحرام من دويرة أهله، عن عطاء مرسلًا، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما وقت المواقيت، قال: "ليستمتع المرء بأهله وثيابه، حتى يأتي كذا وكذا للمواقيت".
(٢) يشير إلى الحديث المتفق عليه، رواه البخاري برقم ١٦٩ كتاب: الحج، باب: فتل القلائد للبدن والبقر، ومسلم في صحيحه (٤/ ٨٩)، كتاب: الحج، باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم.
(٣) يشير إلى الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (٦/ ٨٣ - ٨٤)، كتاب الصيد =

<<  <  ج: ص:  >  >>