للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحج أيضًا مُبايِن للصلاة في أشياء كثيرة، فليس تجوز الصلاة إلا بحضرة النية، ولو نوى إنسان بعرفة الحج ووقف لأجزأه ذلك من غير أن يلزمه نفسه قولًا، وقد يُشْعِر هديَه يريد به إيجاب الحج، فيجزئه ذلك من الفرض وإن كان قد نقص حظه بترك التلبية، والحج مجزئ عنه، ولو أن رجلًا ركع للصلاة يريد بركوعه إيجاب الصلاة، ولم يلفظ بالتكبير لما أجزأه.

وقد ألزم نفسَه الحجَّ جماعةٌ من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل الميقات وقبل الشهور فلزمهم ذلك، منهم عمران بن الحصين، فكره له عمر ذلك (١)، ولزمه الإحرام. وأحرم عبد اللَّه بن عامر (٢) فكره ذلك عثمان (٣)، ولزمه ذلك، وكان ابن أبي نُعْم (٤) يُحرم من السَّنة إلى السَّنة، وإنما كُره ذلك لأن لا يُحْرِج الإنسانَ إحرامُه، ويطول عليه فيفسده.


(١) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم ١٢٨٤ كتاب: الحج، من كره تعجيل الإحرام، والطبراني في المعجم الكبير (١٨/ ١٠٧)، والبيهقي في السنن الكبرى برقم ٩٠٠٤، كتاب: الحج، باب: من استحب الإحرام من دويرة أهله، وقال الحافظ ابن كثير في مسند الفاروق (١/ ٣٠٠): "هذا منقطع، إلا أن يكون الحسن سمعه من عمران بن حصين، واللَّه أعلم".
(٢) في الأصل: عمر، والتصويب من مصادر التخريج.
(٣) ذكره البخاري في كتاب: الحج، باب قول اللَّه تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} تعليقًا، وابن أبي شيبة في مصنفه برقم ١٢٨٣، كتاب: الحج، من كره تعجيل الإحرام، والبيهقي في السنن الكبرى برقم ٩٠٠٥، كتاب: الحج، باب: من استحب الإحرام من دويرة أهله، موصولًا، وعزى ابن حجر في الفتح وصله لسعيد بن منصور، وعبد الرزاق، وأحمد بن سيار في تاريخ مرو، وقال: "هذه أسانيد يقوي بعضها بعضًا"، وانظر تغليق التعليق (٣/ ٦١ - ٦٢).
(٤) في الأصل: بن أبي يعمر، والصواب: بن أبي نُعْم، ضبطه الحافظ في تقريب "التهذيب" (ص ٣٠٢) فقال: "بضم النون، وسكون المهملة"، وقال ابن سعد في الطبقات (٨/ ٤١٥): "عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي، ويكنى أبا الحكم، وهو الذي كان يحرم من السنة إلى السنة، وكان ثقة، وله أحاديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>