للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٦ - قال اللَّه عز وجل: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}

[[سبب النزول]]

قال عكرمة: إنها أنزلت في قوم أسلموا بمكة ولم يمكنهم الخروج، فلما كان يوم بدر أخرجهم المشركون معهم كرهًا فقُتلوا، وتلا: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [النساء: ٩٨]، وقال: طريقًا إلى المدينة، {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [النساء: ٩٩]، إلى آخر الآية فعذرهم اللَّه، فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى إخوانهم الذين بمكة يخبرونهم بما نزل فيهم، فلما جاءهم الكتاب خرج ناس كانوا أقروا بالإسلام، وطلبهم المشركون فأدركوهم، فرجعوا وأعطوهم الفتنة قولًا دون الاعتقاد، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: ١٠]، وأنزل فيهم: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}، وأنزل فيهم: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٠]، فسمع ذلك رجل من بَكْر كان مريضًا فقال لأهله: أخرجوني إلى الرَّوْح، يريد المدينة، فأخرجوه فمات قبل الليل، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٠٠] (١).


(١) قصة الرجل من بني بكر رواها ابن جرير في تفسيره (٤/ ٢٤١) عن ابن عباس واسمه: "ضَمْرَة"، وقول عكرمة رواه أيضًا ابن جرير في تفسيره (٤/ ٢٣٦ - ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>