للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن قومًا خرجوا فلم يدركهم أبو سفيان، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى فيهم: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} إلى قوله عز من قائل: {لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٠].

وقال مجاهد: أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وسمية أم عمار، فأما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فمنعه أبو طالب، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأُخذ الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس، فبلغ منهم الجَهد ما شاء اللَّه أن يبلغ من حَرّ الحديد والشمس، فلما كان من العَشي أتاهم أبو جهل ومعه حَربة فجعل يشتمهم ويوبِّخهم، ثم أتى سُميةَ فطعن بالحَربة في فَرجها فقتلها، فهي أول شهيد استشهد في الإسلام.

قال: وقال الآخرون ما سألوهم.

وقال في غير هذه الرواية: إلا بلالًا (١)، فإنه هانت عليه نفسه، وجعلوا يعذبونه ويقول: أَحَد أَحَد، حتى مَلُّوه، ثم كتفوه وجعلوا في عنقه حبلًا من ليف ودفعوه إلى صبيانهم، فجعلوا يلعبون به بين أخشَبي مكة حتى مَلُّوه وتركوه.

فقال عمار: كلنا تكلم بالذي قالوا له، فلولا أن اللَّه تبارك وتعالى تداركنا، غير بلال فإنه هانت عليه نفسه في اللَّه، وهان على قومه حتى ملوه فتركوه.

فقيل: نزلت هذه الآية في هؤلاء.

وقيل: في أمثالهم.

وكل ذلك سواء، وقد رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عمارًا يبكي من فتنته، فطيَّب نفسه وقال: "إن عادوا فعُد" (٢).


(١) في الأصل: إلا بلال.
(٢) روى ابن جرير في تفسيره (٧/ ٦٥١)، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى باراهم في بعض ما أرادوا، فشكا =

<<  <  ج: ص:  >  >>