للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتابع على كل قوله من ذلك قوم من المفسرين.

وقال الشعبي: كان في قميص يوسفَ عليه السلام ثلاثُ آيات: جاءوا على قميصه بدم كذب، فعلم يعقوب أنه كذب على الذئب، وأنه لو كان من فعل الذئب لخَرَق القميص، والثانية: أن تَخْريقَهُ من دُبر، ونجاتُه بذلك وبقول الحكيم فيه، والثالثة: أن ألقي على وجه يعقوب فارْتَد بصيرًا.

وقصة يوسف عليه السلام توجب القضاء فيما لا تحضره البينة بالدلائل والعلامات في مثل: اللُّقطَة (١)، ومثل: إغلاق الباب، وإرخاء السُّتُر، وفي شهادة الصبيان في الجراح، وذلك دليل للشهادة، وهو غيرُ مخالف لقوله: "البينة على المدعي واليمين على المنكِر" (٢)، لأنه لا يقال البينة على المدعي إلا في موضع يُمْكِن فيه البينة، وقد ذكرنا هذا في سورة البقرة، وأن شريحًا وإياسَ بن معاوية حكما بالعلامة.

[[شرع من قبلنا]]

فإن قال قائل: إن تلك الشريعة لا تلزمنا.

قلنا له: كل ما أنزله اللَّه علينا فإنما أنزله لفائدة فيه ومنفعة لنا، فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، فآيات يوسف عليه السلام مقتدًى بها معمول عليها، واللَّه أعلم.


(١) اللُّقَطَة: بضم اللام، وفتح القاف، وهي الشيء الذي يُلتقط، انظر التنبيهات المستنبطة (٤/ ٢٠٣٦)، وغرر المقالة (ص ٢٢٧).
(٢) رواه الترمذي في سننه برقم ١٣٤١، أبواب: الأحكام، باب: ما جاء في أن البينة على المدعي، وفيه: ". . . واليمين على المدعى عليه"، وقال: "هذا حديث في إسناده مقال. . . "، واتفق البخاري ومسلم من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنه- على شطره الثاني، فأخرجه البخاري برقم ٢٥١٤، كتاب الرهن، باب: إذا اختلف الراهن والمرتهن، ومسلم (٥/ ١٢٨)، كتاب الأقضية، باب: اليمين على المدعى عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>