للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عز وجل: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: ٥]، فعُلم أن القصد في هذا الموضع المال، والسفيه يولَّى عليه، ومعنى {أَمْوَالَكُمُ}، وهي أموال السفهاء، يريد: في أيديكم تَلونَها (١) لهم، والدليل على ذلك قوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: ٥]، وإنما قيل: {أَمْوَالَكُمُ}، كما قيل: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩]، أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، وقال اللَّه عز وجل: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} إلى قوله: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٥٤] أي: فليقتل بعضكم بعضًا، وقال تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: ٦١].

والسَّفه -واللَّه أعلم-، وإن كان في موضع أريد به الدين، وموضع أريد به المال، يرجع إلى معنى واحد، هو الجهل في الشيء الذي قصد له، فالسفيه في الدين هو الجاهل فيه، والسفيه في عقله هو الجاهل فيه، يقول الشاعر:

نَخافُ أن تُسَفَّهَ أحْلامُنا ... ونَخْمُلَ الدَّهْرَ مع الخامِل (٢)

وقد روي في تفسير {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} عن التابعين، فقال بعضهم: النساء والصبيان، وقال بعضهم: اليتامى، وسنذكر ذلك في سورة النساء إن شاء اللَّه عز وجل، فإنه غلط عظيم.

* * *


(١) في الأصل: تولونها.
(٢) ورد في البيان والتبيين للجاحظ (١/ ٢١٣) منسوبًا للربيع بن أبي الحقيق اليهودي من بني النضر، وفيه: نكره أن. . . فنخمل. . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>