للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتاني الأنصاري يومًا فضرب علي الباب وقال: قد حدث أمر، قلت: أجاء الغساني؟ قال: لا، ولكن أعظم من ذلك، طلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نساءه، قال: فخرجت وإذا البكاء في حُجَرهن كلِّها، وإذا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد صعِد مَشْرُبَته (١)، وعلى الباب وَصيف (٢)، فقلت: استأذن لي على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاستأذن لي فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على حصير قد أَثّر في جنبه، وإذا تحت رأسه مِرْفَقة (٣) من أدم، حَشْوُها لِيفٌ، وإذا أُهُب في البيت معلقة، وقَرَظٌ (٤) منبوذ، فذكرت الذي قلتُ لحفصةَ وأم سلمة فضحك، فلبث بذلك تسعًا وعشرين فنزل، وأنبئت أن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: يا رسول اللَّه لو شئت أخذتَ ذات الذنب منا بذنبها، قال: "إذا أدعها كأنها شاة مَعْطاء" (٥).

ولهذا الحديث أسانيد، وفيه زيادات ونقصان، وفي بعضها: فقلت لحفصة: أتراجعين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قالت: نعم، قلت: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم، قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر، أتأمن إحداكن أن يغضب اللَّه عليها لغضب رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وإذا هي قد هلكت، لا تراجعي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا تسأليه شيئًا، وسليني ما بدا لك، ولا يغررك أن كانت جارتك هي أَوْسَمُ وأحبُ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منك -يريد عائشة- (٦).


(١) المَشْرُبَة: بالضم والفتح، الغُرْفَة، النهاية (٢/ ٤٥٥).
(٢) الوَصيف: العَبْد، النهاية (٥/ ١٩١).
(٣) المِرْفَقَة: كالوسادة يُتَوَكأ عليها، النهاية (٢/ ٢٤٦).
(٤) القَرَظُ: ورق شجر تُدبغ به الأُهب، اللسان (٢/ ٧٤١).
(٥) مَعْطاء: سقط صوفها، النهاية (٤/ ٣٤٣)، والحديث كما ساقه المصنف أخرجه أبو عوانة في مستخرجه برقم ٤٥٧٦، كتاب: الحج، باب: الخبر المبين أن الرجل إذا قال لامرأته: اختاري. . . لم يكن ذلك طلاقًا.
(٦) رواه مسلم في صحيحه برقم ١٤٧٩، كتاب: الطلاق، باب: في الإيلاء واعتزال النساء (ط ع الباقي).

<<  <  ج: ص:  >  >>