للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحسن: قدم صعصعة عمُّ الفرزدق على رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فسمع: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، فقال: حسبي ما أبالي ألا أسمعَ من القرآن شيئًا غيرَ هذا (١)، هكذا رواه سليمان، وعارم، عن جرير، عن الحسن.

وروى أبو سهيل بن مالك، عن أبيه، عن كعب الأحبار، أنه كان يقول في القرآن: فيما أَنزل اللَّه على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- آيتان أحْصَتا ما في التوراة والإنجيل، ألا تجدون {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}؟ قال جلساؤه: بلى، قال: فإنهما أَحْصَتا ما في التوراة والإنجيل، قال كعب: لا يضركم ألا تسألوا عن العبد ماذا له عند ربه بعد وفاته، إلا أن تنظروا ماذا يورث، فإن ورث لسان صدق فالذي له عند ربه خير مما يورث، وإن ورث لسان سوء فالذي له عند ربه شر مما يورث، واللسان تابعه خيرًا وشرًا، المرء حيث يضع نفسه إن أحب الصالحين جعله اللَّه معهم، وإن أحب الأشرار جعله اللَّه معهم، فإن اللَّه تبارك وتعالى جعلكم شهداء على سائر الأمم، وجعل نبيكم صلى اللَّه عليه شاهدًا عليكم، ثم تلا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} الآية كلها (٢).

قال القاضي: معنى لسانُ صِدْقٍ أي: ثناءُ صِدْقٍ، ألا ترى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أنتم شهداء اللَّه في أرضه" (٣).

{وَالْعَادِيَاتِ} لم يذكر فيها شيء.


(١) رواه الإمام أحمد في مسنده برقم ٢٠٥٩٣.
(٢) رواه أبو نعيم في الحلية (٦/ ٣).
(٣) متفق عليه من حديق أنس رضي اللَّه عنه، رواه البخاري في صحيحه برقم ١٣٦٧، كتاب: الجنائز، باب: ثناء الناس على الميت ومسلم في صحيحه برقم ٩٤٩، كتاب: الجنائز، باب: فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى (ط ع الباقي).

<<  <  ج: ص:  >  >>