للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عمر -رضي اللَّه عنه-: صدقة تصدَّق اللَّه بها عليكم (١)، يريد: لم يوجب ذلك عليكم، فتخفيفه عنكم صدقة.

وقالت عائشة، وابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وأُقِرَّت صلاة السفر (٢).

فعدد الفرض في الصلاة قائم في كل موضع من السفر والحضر، لا يجوز أن يُزاد فيه لنشاط ولا لقوة، ولا يُنقَص منه لضعف ولا لعلة، ولو جاز أن يسقط من عدد الصلاة شيء لعلة، لجاز أن يسقط عن المريض، إذ كان أضعف من المسافر، فلم يُجز له أن ينقص من العدد، وأبيح له أن يصلي قاعدًا ومضطجعًا على قدر ما يمكِنه، فأما العدد فلا نقصان فيه، وهذا قول جملة أهل العلم، وما لا ينبغي أن يُتعدى.

فأما إتمام عائشةَ -رضي اللَّه عنها- في السفر فقد وضع أهل العلم لها المعاذير في ذلك على قدر اجتهادهم، وكذلك اعتذروا لعثمان -رضي اللَّه عنه- لإتمامه بمنى، وما اعتُذِر لفاعله فلا يحتج به، وليس بالناس حاجة إلى معرفة فعل قد اعتذر له.


(١) رواه مسلم (٢/ ١٤٣)، كتاب: الصلاة، باب: صلاة المسافرين وقصرها، مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن يعلى بن أمية، قال: سألت عمر بن الخطاب، قلت: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وقد آمن اللَّه الناس؟ ! فقال لي عمر: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، فقال: "صدقة تصدَّق اللَّه بها عليكم، فاقبَلوا صدقته".
(٢) قول عائشة متفق عليه، رواه البخاري برقم ٣٥٠، كتاب الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء، و ١٠٩٠، كتاب تقصير الصلاة، باب يقصر إذا خرج من موضعه، ومسلم (٢/ ١٤٢ - ١٤٣)، الموضع السابق، ولم أقف عليه لابن عباس كما أورده المصنف، والذي عند مسلم في الموضع السابق، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: فرض اللَّه الصلاة على لسان نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة. فاللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>