للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعل لمخلوق فيه، لأن المرأة لا تعلم (١) حقيقة عِدَّتها، إذ لا تدري هل تحيض قبل مضي الشهر أم لا؟ وكذلك التي تحيض، لا تدري هل يدوم حيضها أم ينقطع، فينتقل إلى الشهور، فتصير يائسة، وإنما تدري ما عدتها عند تقَضّيها، فالمطلقة للعدة هي في عدة منذ يوم طُلِّقت، لأن أيام طُهرها -قصُرت أم طالت- قرَّبتها من الحيض إن حاضت، وهو قرء من الأقراء، فالطُّهر يؤدي إلى الحيض، والحيض يؤدي إلى الطهر، والصيام والعتق في الكفارة ليس يؤدي أحدهما إلى صاحبه، ولم يكن المكفِّر منذ يوم وجبت عليه الكفارة مكفِّرًا، كما كانت المرأة منذ يوم طُلِّقت معتدة، لأن المكفِّر إنما أُمِر أن يستأنف فعلًا يفعله، إما عتقًا، وإما صيامًا، فكل واحد منهما مُبايِن للآخر.

فإن اختار الصائم في أوَّل صيامه العتق، بعد أن قدر عليه، فقد رأى ذلك مالك، وإنما هو أبطل فعلًا فعله، ثم استأنف فعلًا آخر خَفَّف به عن نفسه.

والمتيمم إذا وجد الماء قبل دخوله في الصلاة، فإن الوضوء واجب عليه، لأن التيمم وقع في غير موضعه، إذ كان إنما أبيح له التيمم للدخول في الصلاة موصولًا بها، فإذا وجد الماء قبل الدخول فهو وقت للصلاة ووقت للوضوء، لأن التيمم لا يقصد به الإنسان نفسه، إنما يقصد به الإنسان الصلاة، فإذا دخل فيها لم تنتقض عليه صلاته إلا بحدث يُفسد الصلاة من غير طريق التيمم.

وليس التيمم بإزاء الصيام للكفارة، لأن التيمم لا يزيل الحدث، وإنما أمر به للدخول في الصلاة، فإذا وصلت بالدخول فقد فعل ما أمره اللَّه به، وزال ذلك الفرض إلى فرض الصلاة، وإنما بإزاء الدخول في صيام الكفارةِ، الدخولُ في الصلاة بعد التيمم.


(١) في الأصل: يعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>