للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال قائلون: لهم كتاب، وهذه غفلة، لو كان لهم كتاب لعرف، ولقال عليه السلام: لهم كتاب، فإنه عالم بالكتب، ولم يقل: "سُنّوا بهم سُنة أهل الكتاب".

ويحتمل أن يكون اللَّه لما قال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} [التوبة: ٢٩]، أن يكون هذا وصفًا (١) لكل كافر، فكنا لو تركنا وذلك أخذناها من الكفار الذين هذا وصفهم سوى أهل الكتاب، ولم نقبلها من أهل الكتاب، لأنهم يؤمنون بكتاب فيه نعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والأمرُ باتباعه، فلا تقبل الجزية منهم ويقتلون، بينما يقتل المرتد الذي قد قامت عليه حجة القرآن ولا يقر، فبين اللَّه تبارك وتعالى أخذها من أهل الكتاب تخفيفًا عنهم في الدنيا، فيكون معناها: وأهل الكتاب أيضًا.

وقال الشافعي في كتاب الرسالة: "بُعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والناس كلهم على دينين، وهم: اليهود والنصارى، أهل كتاب، وعبدة الأوثان" (٢)، فإذا كان المجوس من عبدة الأوثان فأمرنا فيهم بشيء، فهو في كل عابد وثن، واللَّه أعلم.

ومما يدل على أن المجوس ليسوا أهل كتاب، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث والحرب بين فارس والروم، والروم أهل كتاب، وفارس مجوس، فكانت كفار


(١) في الأصل: وصف.
(٢) في مقدمة الرسالة (ص ١٠٢ - ١٠٣) ما نصه: ". . . بعثه والناس صنفان: أحدهما: أهل كتاب بدلوا من أحكامه، وكفروا باللَّه، فافتعلوا كذبًا صاغوه بألسنتهم، فخلطوه بحق اللَّه الذي أنزل إليهم. . .، وصنف كفروا باللَّه، فابتدعوا ما لم يأذن به اللَّه، ونصبوا بأيديهم حجارة وخشبًا، وصورًاا ستحسنوا، ونَبَزُوا أسماء افتعلوها، ودعوها آلهة عبدوها، فإذا استحسنوا غير ما عبدوا منها، ألقوه ونصبوا بأيديهم غيره، فعبدوه: فأولئك العرب، . . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>