للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكتابية إذا أجبرت على ذلك فإنما تغتسل بغير نية، ولكنه لما كان له أن يطأ المسلمة بظاهر الاغتسال، وهو لا يدري حضرت النية أم لا، كان له أن يطأ الكتابية بظاهر الاغتسال، وهذا عندي أصح في المعنى، واللَّه أعلم.

وزعم غيرنا أن الحيض لا يكون أقل من يوم وليلة (١).

وقال العراقيون: ثلاثة أيام بلياليها (٢)، وليس لهم أصل في ذلك من كتاب ولا سنة ولا قياس (٣)، وذلك أن الحيض إنما هو ظهور الدم، وقد قالت الجماعة: إن الدم من الفرج حيض، حتى يعلم أنه استحاضة، والطهر عندنا وعندهم النقاء، فإذا كان ذلك كذلك، فانقطاعه يوجب الطهر وإن كان ساعة من النهار.

فأما غيرنا فزعم أنها إذا طلقت، فطعنت في الدم (٤) من الحيضة الثالثة، فقد حلت للأزواج، وهو مع ذلك يقول: أقل الحيض يوم وليلة، ويزعم أن النهي عن وطء الحائض كالنهي عن القِران بين التَّمرتين، والتعريس على قارعة الطريق، فجعل ما نهى اللَّه عنه، وذكر العلة فيه، وأكد النهي غاية التأكيد، كالنهي عن القِران، والقِران إنما نهي عنه لعلة الشيء، فأما الآن فلا بأس بالقران، فدل هذا القول منه على معرفته بالفرض والندب (٥)، والخاص والعام، وحسن وصفه للرسالة (٦).


(١) ذهب إليه الشافعي، انظر: الأم (٢/ ١٤٧).
(٢) ينظر اختلاف العلماء في مسألة أقل الحيض وأكثره في الاستذكار (٣/ ٣٤٢).
(٣) راجع حجج الحنفية لمذهبهم في أقل الحيض في المبسوط (٣/ ١٤٧).
(٤) طعنت في الدم أي: دخلت في مدته، وفي النهاية (٣/ ١٢٨): "ومن ابتدأ بشيء أو دخله فقد طعن فيه".
(٥) في الأصل: والندر.
(٦) كذا بالأصل، ولعلها: المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>