للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا في قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}، فقال جماعة -ومنهم مالك (١) -: على الوارث ألا يضار، والنفقة من مال الوالد إن كان له مال، فإن لم يكن له مال، فهو فقير من فقراء المسلمين.

وقال النعمان: وعلى الوارث الإنفاق، وهو على الرجال دون النساء.

وأما ابن عباس، وأكثر المفسرين، فردوا {وَعَلَى الْوَارِثِ} على آخر الكلام، ألا يُضار (٢).

وأما النعمان فقال: النفقة على كل ذي رحم محرم، ثم قال: إذا كان للمرضع ابن عم وخال، فالنفقة على الخال، والوارث ابن العم، ثم كذلك ما أشبه هذا، فقال وأصحابه قولًا ليس في كتاب اللَّه، ولا نعلم أحدًا قاله، لأن من قال: النفقة على الوارث، جعلها على كل وارث، ولا أعلم أحدًا قال هذا، ولا يوجد في كتاب ولا سنة ولا قياس، لأن اللَّه تبارك وتعالى لو قال: وعلى غير الوارث مثل ذلك، لكان على ما قال أبو حنيفة وأصحابه، وهو ضد {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}.

وقال مالك -رضي اللَّه عنه-: وإذا مات الأب ولا مال له، فعلى الأم الرضاع، لأن اللَّه تبارك وتعالى ألزمها ذلك، فقال عز من قائل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.

[و] (٣) الذي أظن، أن من قال: {وَعَلَى الْوَارِثِ} الإنفاق، وألا يضار، ومن قال: {وَعَلَى الْوَارِثِ} آخر الكلام، وهو ألا يضار، إنما أراد: والوارث الذي هو


(١) النوادر والزيادات (٥/ ٥٣).
(٢) رواه عن ابن عباس ابنُ أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٤٣٣)، وممن قاله الضحاك، والشعبي، ومجاهد، وابن شهاب، وسفيان، من التابعين، انظر تفسير ابن جرير (٢/ ٥١٧ - ٥١٨).
(٣) مطموسة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>