للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُسْرَةٍ} عُلم أنه مبتدأ في كل ذي عسرة عليه دَين، فصار في معنى وإن وقع ذو عسرة، كما يقول القائل: قد كان الأمر، أي: وقع، وكما يقول: أعرفه منذ كان.

وقال اللَّه تبارك وتعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٨٢]، فقرئت بالرفع، لأن ذلك لم يُعْطَف على شيء قد مضى فينصب، وإنما هو في معنى: وإن وقع تجارة حاضرة، وقال الشاعر:

فِدًى لِبَني شَيْبانَ أُمّي وخالتي ... إذا كان يومٌ ذو كواكبَ أشهبُ (١)

أي إذا وقع يوم بهذه الصفة.

٢٨٠ - وقوله: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، يريد: من رؤوس أموالكم، ولو قال الذي قال: إن العُسرة معطوفة على رأس مال المرء كان جائزًا، ولا فرق بين رأس المال (٢) وبين غيره، والدَّين إذا قدر على أدائه من الأمانات كالوديعة وما أشبه ذلك، الواجب الخروج منه، لأن مَطْلَ الغني ظلم (٣)، وإذا ثبت الإعسار فلا سبيل إلى المطالبة، ولا إلى الحبس بالدين، ولا خطاب إلى الميسرة.

* * *


(١) لم أقف على البيت كما أورده المصنف، لكن سيبويه أورد بيتًا في الكتاب (١/ ٤٧) في نفس السياق الذي أورد المصنف فيه هذا البيت وهو: وقوع (إذا كان) بمعنى (إذا وقع)، وكذا أربابُ المعاجم اللغوية وكتبِ الغريب، مختلفَ الصدر، ومنسوبًا لمَقَّاس العائذي، وهو:
فِدًى لِبَنِي ذُهْلِ بن شَيْبانَ ناقَتي ... إذا كان يومٌ ذو كَواكب أشهبُ
(٢) في الأصل: المرء.
(٣) لفظ حديث متفق عليه، رواه البخاري في مواضع منها: برقم ٢٤٠٠، كتاب: الاستقراض وأداء الديون. . .، باب: مطل الغني ظلم، ومسلم (٥/ ٣٥)، كتاب: البيوع، باب: تحريم مطل الغني. . . عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>