قال إسماعيل بن إسحاق: ما روي عن علي في هذا الباب فإنما رواه خِلاس، وخِلاس لم ير عليًا ولا سمع منه، وإنما كان خِلاس يأخذ الصحف فيحدِّث بما فيها.
قال: وسمعت علي بن المديني يضعِّف أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب تضعيفًا شديدًا، وقال: أحسب أن أكثرها بين قتادة وبين سعيد فيها رجال، لأنه يخالف أصحاب سعيد بن المسيب الثقات.
وقال بُندار: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: مالك عن سعيد بن المسيب ليس بينهما أحد، أحب إلي من قتادة عن سعيد.
وقد روى يحيى بن سعيد عن زيد بن ثابت خلاف ما روى قتادة، وحديث يحيى وإن كان مرسلًا أقوى من حديث قتادة، وكان علي بن المديني يقدِّم يحيى بن سعيد الأنصاري على جميع نظرائه.
قال القاضي: ذكرت هذا كله وإن كنت لم أذكر أحاديث الباب، ليُعرف به رَدُّ ما يرويه متأخر إن تكلم في هذه المسألة بغير ما مضى عليه السلف، فأمهات النساء محرَّمات دخل بالبنات أو لم يدخل بهن، مبهمة في كتاب اللَّه تعالى، والربائب على شروطهن، وما استثنى اللَّه تبارك وتعالى فيهن، لأنه قال عز مِن قائل:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}، فتم الكلام من غير أن يستثني فيه، ثم قال سبحانه:{وَرَبَائِبُكُمُ}، فوقع الاستثناء لأنه لما قال عز وجل:{دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} وهذا صلة للّاتي، واللاتي نعت النساء، والصلة تمام الاسم، {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} منفصل من هذا، {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} راجع إلى هذا الذي قد ذكر، فليس يجوز أن يكون الاستثناء إلا الربائب، لأنه وجه الكلام.
ومن جعله لأمهات النساء على بُعد المخرج فيه وقبحه، أخرج الربائب من ذلك، لأن الذي تناول هذا يجعل {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}