للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النساء لأربع: لمالهن، وجمالهن، وحسبهن، ودينهن، فعليك بذات الدين تَرِبَتْ يداك" (١).

ثم لا اختلاف بين فقهاء الأمصار أن امرأتين أختين إحداهما أجمل من الأخرى، لو تزوجتا نكاح التفويض (٢)، ثم وقعت المنازعة في الصدقات، لكان الحكام جميعًا يحكمون للحسنى بزيادة في الصداق على صداق أختها، وكذلك لو كانت إحداهما موسرة والأخرى فقيرة، لكان صداق الغنية عند الجماعة فوق صداق الفقيرة وأضعاف ذلك، فلما كان يزداد عليه في صداقها لجمالها، وكان له أن يحجر على الجمال أن يتمتع به غيره، كان (٣) له بهذه الحجة أن يحجر على المال الذي من أجله زيد في الصداق عليه، لأن المال والجمال والدين والحسب في المرأة جمال لولدها ولزوجها.

وقد قالت امرأة سعد بن الربيع للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: قتل سعد يوم أحد، وقد استفاء مالهما عمهما، ولا تنكحان إلا ولهما مال (٤)، فهذا أيضًا حجة في ذلك.

قال أبو الأسود الديلي لبنيه: يا بني إني قد بررتكم صغارًا وكبارًا وقبل أن تولدوا، قالوا: يا أبانا صغارًا وكبارًا قد عرفناه، فقبل أن نولد بماذا؟ قال: تخيرت لكم الأمهات لكي لا تعيَّروا بهن.

فأما قول مالك في الثلث وأنه مباح لها، فإنه رأى المريض محجورًا عليه من أجل ورثته، وقد أجازت السنة الثلث فقاسه عليه.

فهذا حكم هذه الآية وما في مضمرها، واللَّه أعلم.


(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة، رواه البخاري برقم ٥٠٩٠، كتاب: النكاح، باب: الأكفاء في الدين، ومسلم (٤/ ١٧٥)، كتاب: الرضاع، باب: استحباب نكاح ذات الدين.
(٢) قال القاضي عبد الوهاب في التلقين (ص ١١٦): "وصفته أن يعقدا ولا يسميا صداقًا، أو على أن يفرضاه بعد العقد".
(٣) في الأصل: وكان.
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>