ما تأكلون من ذبائحهم، ويحتمل أن تكون الذبائح كلها، فلما احتمل الذكاة واحتمل ما يأكلون مما يُذكرن، كره مالك أكل الشحوم من غير أن يحرِّمها، فهذا مذهبه فيها توقيًا، واللَّه أعلم.
واحتج مالك -رضي اللَّه عنه- في أن المجوس ليسوا أهل كتاب بقوله عز وجل:{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ}[الأنعام: ١٥٦]، فلما قيل:{عَلَى طَائِفَتَيْنِ}، علمنا أن الثالثة لا أصل لها.
واحتج أيضًا مالك -رضي اللَّه عنه- في ذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما كتب إلى عظيم الروم كتب في الكتاب:{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}[آل عمران: ٦٤](١)، وكتب إلى كسرى فلم يكتب بذلك، وفي بعض ذلك كفاية لمن وُفِّق.
* * *
(١) نص كتاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لهرقل عظيم الروم رواه البخاري في مواضع من صحيحه منها رقم ٧، بدء الوحي، كيف كان بدء الوحي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومسلم (٥/ ١٦٣)، كتاب: الجهاد والسير، باب: كتاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى هرقل.