للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلف الإمام، فتأوّل في حديثٍ لم يُسمَع، وإنما أُخِذ من صَحيفة بتأويلٍ أخطأ فيه (١)، ولم نرَ إمامًا من الخاصة والعامة سكت بحد قراءة أم الكتاب سكوتًا يمكن فيه قراءة، وإنما سكت العراقيون بعد التكبيرة الأولى لشيء رَوَوه عن عمر: سبحانك اللهم وبحمدك (٢)، وأهل المدينة يُنكرون ذلك ولا يرون سكوتًا أولًا ولا ثانيًا (٣).

وقد روى أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في سكتة سكتها في بعض الصلوات: سَكتتك هذه ما هي؟ فقال: "أقول: اللهم بعِّد بيني وبين ذنوبي كما بعَّدت بين المشرق والمغرب, واغسلني بالثلج والماء والبَرَد، ونقِّني من الذنوب كما يُنقّى الثوبُ من الدَّنَس" (٤)، وذكر سكتة واحدة، وأحسبها كانت في صلاة واحدة، ولم يقل: سكت لنقرأ.

ثم زعم هذا الرجل أن الإمام يقرأ فيها، فجعل الإمامَ يقرأُ بعد قراءة المأموم، فجعل الإمامَ مأمومًا، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جُعل الإمام ليؤتَمّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، ولا تكبِّروا حتى يكبِّر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركَع، وإذا قرأ فأنصتوا" (٥).

فجعل الشافعيُّ الإمام تابِعًا للمأموم، وقد جعله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مَتبوعًا، وكَلَّف الإمامَ ما لا يُطاق من وقفة بعد قراءة فاتحة الكتاب لمن يقرأ، ولعل الجماعة قد


(١) هو الإمام الشافعي كما سيذكر المصنف بعد قليل، انظر: الأم.
(٢) رواه مسلم في صحيحه (٢/ ١٢)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: لا يجهر بالبسملة.
(٣) في المدونة (١/ ٦٢): وكان مالك لا يرى هذا الذي يقول الناس: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرُك، وكان لا يعرفه.
(٤) متفق عليه، رواه البخاري في صحيحه برقم ٧٤٤، كتاب: الأذان، باب: ما يقول بعد التكبير، ومسلم في صحيحه (٢/ ٩٨)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة.
(٥) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>