للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنبك فلست بأحقَّ به من أخيك المُسلِم" (١)، فجاء هذا الحديث، وحديث عُبادة، وعبد اللَّه بن عمرو، مؤكِّدًا لأربعة الأخماس، فلم يَبقَ للسلَب والنَّفَل موضع إلا من الخمس، وجاز أن يكون منه لقول اللَّه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}، فالرسول عليه السلام يجتهد فيه، فيَصْرفه ويضعه حيث أراه اللَّه، لأن قوله: {لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ}، فإنما أريد به أنه يصرف في مرضاة اللَّه ومرضاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال سعيد بن المسيب: إنما كان النَّفَل من الخمس، ولا نفل إلا من الخمس.

ونفل أنس بن مالك في بعض المغازي، فأعطاه أمير السرية، فأبى أن يأخذ إلا من الخمس بعد القسم، وقد كان إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنسخ ذلك بما جعل للجيش، وجعل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الخمس يصنع فيه ما شاء، فصار الخمس بمنزلة الأنفال التي كانت ببدر، وتنفل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من بدر سيفه ذا الفقار.

ومما يبين ذلك، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى المؤَلّفةَ يوم حُنَين من الخمس، فلو لم يكن إليه أن يعطيَ إلا من شيء هو له، وهو خُمُس الخمُس على ما قال الشافعي (٢)، لم يجُز له أن يعطيَ المؤلفة، إذ لم يُسَم (٣) اللَّه لهم في الخمس شيئًا، وسمى لهم في الصدقات ولم يُروَ أنه أعطاهم من الصدقات شيئًا قلَّ ولا كثر، ولم يكن له أن يقول: "مَن قَتَل قتيلًا له عليه بَيِّنَة فله سلَبهُ" (٤) في شيء قد


(١) رواه البيهقي في السنن الكبرى في مواطن منها رقم ١٢٨٦٢، كتاب: قسم الفيء والغنيمة، باب: إخراج الخمس من رأس الغنيمة، (ط العلمية).
(٢) الأم (٤/ ١٥١).
(٣) في الأصل: يسمى.
(٤) من حديث متفق عليه، رواه البخاري في صحيحه برقم ٣١٤٢، كتاب: فرض الخمس، باب: من لم يخمس الأسلاب، ومسلم (٥/ ١٤٧)، كتاب: الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل، عن أبي قتادة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>