للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تحدث أمور لا تُحَدُّ ولا يُحَدّ لها وقت، فتجب بها المواساة للضرورة التي تنزل، من ضَيْف مُضْطَر، أو جائعٍ يُعلم أنه مُضطر، أو غاز يُعلم أنه مُضطَر، أو مَيّت يُعلم أنه ليس له من يُواريه، فتجب حينئذ على من تُمكِنه المواساة، المواساة التي يزول بها حدُّ الضرورة، فإن ذلك من حقوق اللَّه -عز وجل- في الأموال، ينوب فيه بعضنا عن بعض.

ونرجو أن يكون قول من قال: يكنزه الإنسان ويخلفه غيرَ مضبوط، وذلك أن اللَّه تبارك وتعالى قال: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠]، وقال عز مِن قائل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١]، فمحال أن يوصينا فيما نترُكُ، وقد حظر علينا الترك، وجعله كنزًا نعذَّب عليه.

وكيف يكون ذلك كذلك، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول لسعد: "الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كثير، أو كبير، إنك أن تَدَع ورثتك أغنياء، خير من أن تدَعَهم عالة يتكفَّفون الناس" (١).

وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ورحمة اللَّه لهم خلَّفوا الأموال الكثيرة، من الضِّياع وغيرها، عثمان، وعلي، والزبير، وعبد الرحمن وغيرهم، وليس للكنز عندي وجه (٢) إلا المال الذي لا تؤدّى حقوقُ اللَّه فيه، واللَّه أعلم.

* * *


(١) تقدم تخريجه (١/ ٩٩).
(٢) في الأصل: وجهًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>