للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: ٤٣]، فلما قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة أذن له في قتال المشركين وجهادهم والغِلظة عليهم (١).

وهذه السورة كلها مكية، وقد يجوز أن تكون الآية وحدها نزلت في حمزة رحمه اللَّه، وسائر قَتْلِ أحُد رحمهم اللَّه، ويجوز أن تكون على ما ذكر زيد بن أسلم، إذ كانت مكية، ويكون اللَّه تبارك وتعالى أَذْكَر بها نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قصة أحد، ولولا أن الإسناد فيه ما هو معلوم لكانت روايةُ أبي هريرة أولى، ولكن كلما خاطب اللَّه تبارك وتعالى به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- من هذه الآيات فمكي، فقد قال له بمكة: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: ٣٠] في آيٍ كثير من هذا الجنس لم يذكرها زيد.

والأقوى في هذا عندي أن اللَّه عز وجل لا يأمر في المشركين ألا يعاقب بمثل ما عوقب به، ويأمر بالصبر عنهم، وقد أمره بقتالهم، وقتلهم حيث ما وجدوا، والغلظة عليهم.

ومهما يكن من ذلك فليس نصًّا (٢) فيما يحتاج المسلمون إليه من أحكامهم من القصاص والديات والعفو لمن أراده ورغب في ثوابه، واللَّه أعلم.

* * *


(١) هذه تتمة لأثر ابن زيد.
(٢) في الأصل: نص.

<<  <  ج: ص:  >  >>