للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيحكم لها ولوليها بحكم الآية، كان الرجال في العبرة أولى بطلب الدم من النساء، ليكون لهم في ذلك الحياة التي جعلها اللَّه، ولئلا يُجترأ عليهم بالقتل.

وأما النساء فليس يقتلن على الضواحل (١) والإحن (٢) التي تكون بين الناس، ولو فعل ذلك فاعل لَعُيِّر به، وإنما يكون ذلك في الرجال، وكانوا (٣) إذا قتلت امرأة رجلًا أنِف ولده من قتلها به، هذا مروان بن الحكم قتلته أم خالد بنت سهيل بن عمرو، وكانت زوجتَه، بكلمة قالها لابنها، فأراد عبد الملك قتلها فقالت: واللَّه لئن قتلتني لتعيَّرن بذلك، فيقال: يا ابن قتيل المرأة، فتركها ولم يقتلها خوفًا من العار.

فإن قال قائل: فلم إذا عفا أحد الأولياء، أو قُبلت الدِّية وصار الدم إلى المال، وجب دخول المرأة فيه؟

قيل له: لأن الدم انتقل بالصلح إلى المال، وزال القصاص الذي جعله اللَّه حياة، فكل مال يؤخذ بسبب المقتول فحكمه حكم الميراث، ألا ترى أن المقتول لو عفا قبل خروج روحه عن القاتل -إذ كان أولى بدمه- لجاز عفوه، ولم يكن للورثة فيه مقال، لأن الدم لم يكن مالًا فلا يجوز (٤) للميت منه إلا الثلث كما يكون ذلك في دية الخطأ، يكون مالًا قد ملكه الميت ووُرث عنه.

وقال مالك -رضي اللَّه عنه-: متى كان ورثة المقتول بنون وبنات، فعفا البنات، لم يجز عفوُهن، وكان للذكور القتل، وإذا عفا البنون أو واحد منهم جاز، فإذا


(١) كذا في الأصل، ولعل المصنف يقصد الأشياء القليلة التافهة، ففي اللسان (٩/ ٢٠): الضحل: الماء القليل، وقال: ويقال إن خيرك لضحل أي: قليل.
(٢) الإحَن: الأحقاد، وواحدها: إحنة، اللسان (١/ ٦٢).
(٣) في الأصل: ولو كانوا.
(٤) في الأصل: يجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>