للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك -رضي اللَّه عنه-: تكون أم ولد بالمُضغة التي يُعلم بأنها مُضغة، واحتج بقول اللَّه عز وجل: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} (١)، وقال في المعتدة إذا أسقطت: إنها تكون بذلك خارجة من العِدّة كانت مُخَلّقة أو غير مُخَلّقة، إذا عُلم أنه من أوائل الحمل وهو المضغة، فأما النُّطفة والعلقة فهي دم، فليس ذلك براءة، وكذلك قال في أم الولد: إنها تعتق بما تخرج به الحرة من العدة إذا مات سيدها.

وقد عارضنا قوم فقالوا: فإن ألقت نطفة؟

فقلنا: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد سئل عن العزل: "ليس كل وطء يكون منه الحمل" (٢)، وقد نرى ذلك ونعلمه، والإنسان يطأ الوطء الكبير فلا يرزق الولد، والنطفة إذا لم يرد اللَّه تبارك وتعالى أن يخلق منها أبطلها.

فأما إذا تبين من الخلق شيء وإن قل، فهذا يكفَّن ويغسَّل إذا تبين الرأس إلى عَجْبِ الذَّنَب (٣) وإن لم يتم الخلق، وهذا قول مالك، والحجة فيه القرآن


(١) قال ابن بطال في شرح البخاري (١/ ٤٤٤) يحكي الخلاف في المسألة: "وأجمع العلماء أن الأَمة تكون أم ولد بما أسقطته من ولد تام الخَلق، واختلفوا فيما لم يتم خلقه من المُضْغة والعلَقة، فقال مالك، والأوزاعي، وجماعة: تكون بالمضغة أم ولد كانت مخلقة أو غير مخلقة، وتنقضي بها العدة، وقال أبو حنيفة، والشافعي، وجماعة: إن كان قد تبيَّن في المُضْغة شيء من الخلق أصبع، أو عين، أو غير ذلك، فهي أم ولد، وكلا القولين تحتمله الآية، واللَّه أعلم بما أراد".
(٢) أقرب ألفاظ هذا الحديث: عن أبي سعيد والخدري رضي اللَّه عنه قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن العزل فقال: "ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد اللَّه خلق شيء لم يمنعه شيء"، ورواه مسلم في صحيحه (٤/ ١٥٩)، كتاب: النكاح، باب: حكم العزل.
(٣) عَجْبُ الذَّنَب: قال في النهاية (٣/ ١٨٤): "العظم الذي في أسفل الصُّلب عند العَجُز".

<<  <  ج: ص:  >  >>