للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال زيد بن أسلم: الشعائر ست: الصفا والمروة، والبدن، والجمار، والمشعر الحرام، وعرفة، والركن والحرمات خمس: الكعبة، والبلد الحرام، والشهر الحرام، والمسجد الحرام، والمُحْرِم حتى يحل (١).

وقال أبو مصعب: قال مالك: إذا مضت عشية عرفة وليلة المزدلفة والوقوف بالمزدلفة حين الوقوف بها، فلا معتمل لأحد في شيء من ذلك، لأن اللَّه تبارك وتعالى [قال] (٢): {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٢ - ٣٣]، فمن شعائر اللَّه: عرفة والمزدلفة، قال اللَّه عز وجل: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: ١٩٨]، فلا مُعتمل لأحد في شيء من هذا بعد أن يمضي الأجل المسمّى (٣).

وإذا مضت أيام منى فلا تُرمى الجمار بعد ذلك، لأن اللَّه تبارك وتعالى قال: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، فإنما منافع تلك الشعائر انقضاؤها إلى ذلك الأجل المسمى، فإذا مضى الأجل فليس هناك مُعتمل، وانقضاء الأيام قول اللَّه عز وجل: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣].

والذي قاله مالك رضي اللَّه عنه قول واضح، يشهد له القرآن ومعانيه، فالمنفعة بعرفةَ إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر، والمنفعة في رَمي الجِمار إلى انقضاء أيام منى، والمنفعة للمَشعَر الحرام إلى أن تَطلُع الشمس، فكل هذه من الشعائر، وفي كل صنف منها المنفعة إلى وقت معلوم، ثم محِلّها كلُّها إلى البيت العتيق، فإذا أطاف الحاج بعد هذه المشاعر فقد حلَّ بالبيت العتيق.


(١) أورد هذا الأثر مكيُّ بن أبي طالب في الهداية (٣/ ١٥٦٥)، والباجي في المنتقى (٢/ ٢٩٤)، وشطره الثاني رواه ابن جرير بلفظ قريب، وقد تقدم قريبًا.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) موطأ أبي مصعب برقم ١٣٤٥، كتاب: المناسك، باب: وقوف من فاته الحج بعرفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>