للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو هريرة، وزيد بن خالد، وزاد ابن عيينة: وشبل بن سعيد، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في قصة العَسيف (١): "واغْدُ يا أُنَيْس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" (٢).

قال بكر: فصار هذان الخبران ناسخين للجلد في الثَّيِّب، وبقي الرجم على ما أنزل اللَّه تبارك وتعالى إذ القتل يأتي على كل شيء.

ولا اختلاف بين علماء الأمصار أن من شرب خمرًا وزنى وهو محصن فالحَدّان عندهم جميعًا للَّه جل جلاله، فيسقط جَلْد الشّرب ويأتي الرجم على ذلك كلِّه، فلما كان ذلك كذلك، وكانت الحدود إذا اجتمعت للَّه تبارك وتعالى ليس لآدمي فيها حق، مثل القذف وما أشبهه، دخل بعضها في بعض، وأتى القتل على جميعِها، كان ذلك سبب إسقاط الجَلْد عن الثَّيِّب، فنَسخت سُنَّتُه سُنَّتَه.

ولا أعلم في سقوط الجَلْد بين فقهاء الأمصار خلافًا، وإنما تكلمت في ذلك على متأخر (٣) تعلق بحديث عُبادة، متَّبِعًا للشواذ من الأخبار، ومتعلقًا بالمنسوخ ليُعْرَف، ومع ذلك فحديث عُبادة في بدء الهجرة بعد ثلاث منها، وحديث أبي هريرةَ وصاحبيه بعد ذلك، لأن إسلام أبي هريرة في أول سنة سبع


= ابن مالك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "لعلك قبَّلتَ، أو غمَزتَ، أو نظرتَ" قال: لا يا رسول اللَّه، قال: "أَنِكْتَها؟ ". لا يكني، قال: فعند ذلك أمر برجمه.
(١) العَسيف: الأجير، النهاية (٣/ ٢٣٦).
(٢) متفق عليه عن أبي هريرة وزيد، رواه البخاري برقم ٢٣١٤، في كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في الحدود، ومسلم (٥/ ١٢١)، كتاب: الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنى، وزيادة ابن عيينة أخرجها الترمذي في سننه برقم ١٤٣٣، أبواب: الديات، باب: ما جاء في الرجم على الثيب، وابن ماجه.
(٣) هو داود الظاهري، انظر الإشراف للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٨٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>