للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنزل اللَّه: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} [الأحزاب: ٣٨]، يعني: فيما أحل اللَّه له، فتزوجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكانت تفتخر على نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتقول: زَوّجَكُن أَهْلُوكُن، وزوجني اللَّه تبارك وتعالى من فوق سبع سماواته.

قال أنس بن مالك: وقالت عائشة: لو أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كتم شيئًا مما أُنزل عليه لكتم هذه الآية: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} الآية (١).

وكانت زينب أحظى نساء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه عنده بعد عائشة، وكانت عائشة تقابلها في الفخر تقول: تزوجني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد أن أتاه جبريل عليه السلام بصورتي من الجنة، وكانت زينب تُسامي عائشة من بين أزواجه عليه السلام، فلما كان في وقت الإفك عصمها اللَّه عز وجل بالورع، وطفقت أختها حَمْنَة زوجة عبد الرحمن، فكانت فيمن أقيم عليه الحد.

قال أنس -رضي اللَّه عنه-: لما انقضت عِدَّة زينب من زيد، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لزيد: اذهب فاذكرها علي، فانطلق فصادفها تَخْمِرُ عجينها، فما استطعتُ أن أنظر إليها من عِظَمها في صدري، قال: فوليتها ظهري ونَكَصْت على عقبي فقلت: يا زينب أبشري، أرسلني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكرك، قالت: ما أنا صانعةٌ شيئًا حتى أُؤامِر (٢) ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن، فجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فدخل عليها بغير إذن، وأطعمهم الخبز واللحم، حتى امتد النهار وأطال الناس عنده، حتى نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} الآية [الأحزاب: ٥٣] (٣).


(١) قول أنس وافتخار عائشةَ قبله رواهما البخاري في حديث واحد في صحيحه برقم ٧٤٢٠، كتاب: التوحيد، باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}.
(٢) أُؤامِر: أشاور، اللسان (١/ ١٥١).
(٣) الحديث رواه مسلم في صحيحه (٤/ ١٤٨)، كتاب: الزواج، باب: زواج زينب بنت جحش.

<<  <  ج: ص:  >  >>