للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبست الشجرة، فبكى يونسُ حزنًا عليها، فأُوحِيَ إليه: أتبكي على هلاك شجرة، ولا تبكي على هلاك مئة ألف أو يزيدون؟ (١)

قال أبو سلمة: وكان لما وعد قومه بالعذاب أن يُصَبِّحَهم قالوا: انظروه فإنه إن خرج من ليلته هذه فإن العذاب مُصَبِّحُكُم، وإلا فإنه كبعض ما كان يقول، فانتظروه حتى إذا كان السَّحَر أخذ عصاه ومِزْوَدَه (٢) وخرج من القرية، فلما أظلهم العذاب ثم كُشِف عنهم مر بيونسَ رجل بعد أن ارتفع النهار، فقال يونس له: ما فعل أهل القرية، أنزل عليهم العذاب؟ قال: لا، فخرج مغاضبًا فركب السفينة فتَحَيَّرَت، فقالوا: إن فيكم لشرًا، فقال يونس: أنا صاحبكم فألقوني، فأبوا إلا يُساهِموه، فساهَموه {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}، {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧]، فألقاه الحوت.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنه: إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: ٤٣ - ٤٧] فكانت الرسالة بعد (٣).

وقال شَهْر بن حَوشَب: فنودي الحوت: يا حوت إنا لم نجعل لك يونس رِزْقًا، إنما جعلناك له حِرزًا ومسجدًا (٤).


= ممدودٌ ويقْصَر أيضًا، وهو: القَرْع الذي يوكل، بتسكين الراء، وهو: جمعٌ واحدة دُبّاءة، ومن قصَر قال في الواحدة دُباه".
(١) قول طاوس تتمة للأثر السابق.
(٢) المِزْوَد: وعاء يجعل فيه الزاد، اللسان (٧/ ٧٧).
(٣) رواه ابن جرير في تفسيره (١٠/ ٥٣٢).
(٤) رواه ابن جرير في تفسيره (١٠/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>