للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء في مسّ المصحف اختلاف، فقال بعضهم: لا يمسه من الناس إلا طاهر تطَهُّر الوضوء والصلاة.

وقال بعضهم: يمسه، منهم ابن عباس والشعبي (١).

وأما من كره أن يمس المصحف إلا طاهر، ففي كتاب عمرو بن حزم: "لا يمس القرآن إلا طاهر" (٢)، وهو الكتاب الذي كتبه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمرو بن حزم، روي ذلك من وجوه كثيرة (٣).


(١) حكى ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ٤٧٢ - ٤٧٣) إجماع الأئمة من السلف والفقهاء في هذه المسألة فقال: "وأجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم، بأن المصحف لا يمسه إلا الطاهر، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأصحابهم، والثوري، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الرأي والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وعبد اللَّه بن عمر، وطاوس، والحسن، والشعبي، والقاسم بن محمد، وعطاء، وهؤلاء من أئمة التابعين بالمدينة، ومكة، واليمن، والكوفة، والبصرة"، ثم قال: "قال داود: لا بأس اْن يمس المصحف والدنانير والدراهم التي فيها اسم اللَّه الجنبُ والحائض، قال داود: ومعنى قوله عز وجل: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هم الملائكة، ودفع حديث عمرو بن حزم في أن لا يمس القرآن إلا طاهر، بأنه مرسل غير متصل، وعارضه بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المؤمن ليس بنجس"".
(٢) رواه مالك مرسلًا في الموطأ برقم ٥٣٤، كتاب: الصلاة، الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، وعبد الرزاق في مصنفه برقم ١٣٢٨، كتاب: الحيض، باب مس المصحف والدراهم التي فيها القرآن، ومن طريقه البيهقي في سننه الكبرى رقم ٤٠٨، كتاب: الطهارة، جماع أبواب سنة الوضوء وفرضه، باب: نهي المحدث عن مس المصحف (ط العلمية).
(٣) قال ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٣٩٦): "كتاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن في السنن والفرائض والديات كتاب مشهور عند أهل العلم معروف يستغني بشهرته عن الإسناد".

<<  <  ج: ص:  >  >>