للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُعبد من دون الله، فأنزل الله تعالى ردًا لهذه الشبهة قوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)} [الأنبياء: ١٠١]، فيكون عيسى - عليه السلام - مستثنى من هذا العموم، وكذلك نقول في هذه الآية، فصار المخرج أحد أمرين، إما أن نجعل (ما) مصدرية فيكون المعنى بريء من شرككم، أو نجعلها موصولة ويستثنى من ذلك من جُعل شريكًا. مع الله وهو لا يرضى بذلك، من الأنبياء والملائكة والصالحين.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: إطلاق اسم (الشيء) على الله لقوله: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ}؛ لأن اسم الاستفهام إذا أضيف إلى كلمة، صارت هذه الكلمة صادقة على جواب الاستفهام، وهنا جواب الاستفهام {اللَّهُ}، فيكون الله تعالى شيئًا، يعني يصدق أن نسميه شيئًا، وقد قال البخاري - رحمه الله -: (وسمى الله نفسه شيئًا) (١)، ولكن يجب أن نعلم أنه يخبر بكلمة شيء عن الله، ولكن لا يسمى به، دليلُ هذا أن الله تعالى له الأسماء الحسنى، وكلمة (شيء) لا تدل على هذا المعنى.

لو قال قائل: هل يجوز أن نطلق على القرآن أنه شيء؟

فالجواب: نعم هو (شيء) بلا شك، قالت الجهمية: إذا أطلقتم على القرآن بأنه شيء فقد أقررتم بأنه مخلوق؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: ١٦] وجوابنا على هذا أن نقول: القرآن كلامُ الله - عزّ وجل -، وكلام الله هو


(١) ذكره في كتاب التوحيد، باب قل: (أي شيء أكبر شهادة قل الله).

<<  <   >  >>