(يا) للتنبيه، كأنهم قالوا: ما أعظم حسرتنا، وقيل: إن (يا) للنداء، وأن الحسرة تُخِيَّل كأنها شيء عاقل يتوجه إليه النداء، وعلى هذا القول يكون المعنى يا حسرتنا احضري، فهذا أوانك، والمعنى لا يختلف بين هذا وهذا، غاية ما هنالك التقدير، وعدم التقدير.
قوله:{عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} التفريط: هو التقصير، و (فيها) الضمير يعود على الساعة، أي: فرطنا في الاستعداد لها؛ لأنهم أضاعوا أعمارهم بما لا فائدة فيه بل بما فيه مضرة أحيانًا.
قوله:{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ}، يعني: يوم القيامة يحملون أوزارهم على ظهورهم، أي: جزاء أعمالهم على ظهورهم، والله تعالى يعبر دائمًا عن الجزاء بالعمل، لفائدتين:
الفائدة الأولى: أن يصلح الإنسان عمله.
والفائدة الثانية: أن يُعْلَمَ أن الجزاء من جنس العمل؛ لأن الجزاء على العمل دائر بين أمرين لا ثالث لهما، الأول: الفضل، والثاني: العدل، ولا ظلم؛ فإن كان العمل حسناتٍ فبالفضل، وإن كان سيئاتٍ فبالعدل؛ وربما يكون بالفضل حيث يعفو الله عنهم - عزّ وجل -.
وقوله:{يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ}، أي: يحملون جزاء الأعمال على ظهورهم حملًا حقيقيًا، فالواجب أن نحمل الآيات على ظاهرها.
ولا يقول قائل: كيف يحمل الجزاء على الظهر؟، فيوم القيامة لا يُقاس بأيام الدنيا؛ لأن الحال تختلف اختلافًا عظيمًا، فمن الجائز الممكن أن الله تعالى يخلق هذه الجزاءات حتى تكون