فإذا قال إنسان: وهل يمكن أن يستحيل الشيء لذاته ويعلمه الله - عزّ وجل -؟
فالجواب: نعم، اقرأ قول الله تعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]، وهذا مستحيل عقلًا، ولا يمكن، ومع ذلك عَلِم الله - عزّ وجل - أنه لو كان في السماوات والأرض آلهة سوى الله لفسدتا، إذًا عِلْم الله تعالى متعلق بالمستحيل، ومتعلق بالممكن مثل قوله تعالى:{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ}[البقرة: ١٨٧]، ومتعلق بالواجب مثل عِلم الله تبارك وتعالى بما له من الصفات الكاملة، ولهذا نقول: أوسع الصفات في صفات الله - عزّ وجل - هي العلم.
الفائدة الثالثة: أن الكافرين لا يستنزهون من الكذب حتى في الآخرة، وكذلك المنافقون؛ لأن الله تعالى كذبهم وقال:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}.
الفائدة الرابعة: تأكيد الشيء إذا دعت الحاجة إليه، إما لأهميته، وإما لكون المخاطب مترددًا فيه، أو لغير ذلك من الأسباب، فالمهم أن من الفصاحة والبلاغة أن يؤكد الخبر إذا دعت الحاجة، والتأكيد في الآية هو قوله:{وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، فهو مؤكد بـ (إنَّ) و (اللام).
* * *
* قال الله - عزّ وجل -: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩)} [الأنعام: ٢٩].
قوله:{وَقَالُوا}، أي: المنكرون للبعث {إِنْ هِيَ}، أي: ما هي. {إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}، يعني: لا توجد حياة أخرى هناك إلا الحياة الدنيا.