للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفائدة الخامسة: عقوبة المكذب، والتكذيب أحد شقّي ما يحصل به الكفر؛ لأن الكفر يحصل بأمرين، إما التكذيب وإما الاستكبار، مع أن التكذيب فرع عن الاستكبار؛ لأنه ما كذب إلا أنه يرى أنه فوق المرسل.

* * *

* قال الله - عزّ وجل -: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢)} [الأنعام: ١٢].

قوله: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} اسأل هؤلاء المكذبين المنكرين لتوحيد الألوهية: لمن ما في السماوات والأرض ألزيد أو لعمرو، أو لفلان أو لفلان؟ ثم أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يجيب عن هذا السؤال بنفسه فقال: {قُلْ لِلَّهِ}، وهنا نقول هل الجواب من الله أو من الرسول؟

الجواب: من الرسول بأمر الله، وعلى هذا يكون الجواب جواب الله - عزّ وجل -؛ لأن الله أمر رسوله أن يقول هذا.

قوله: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (كتب) بمعنى أوجب؛ لأن الكتابة بمعنى الإيجاب، قال الله - عزّ وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣] كُتِبَ بمعنى فُرض وأوجب وقال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]، أي: فريضة مؤقتة.

وقوله: {عَلَى نَفْسِهِ}، أي: على ذاته، ونفس الله هي ذاته

<<  <   >  >>