للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفائدة التاسعة: حسن المحاجة في القرآن الكريم وهو أنه لو جاء الأمر على اقتراح هؤلاء لم يكن على ما اقترحوه، أي: لم يكن ملكاً لعدم المناسبة بين الرسول والمرسل إليهم، فإذا كان رجلاً عاد اللبس والاقتراح الذي اقترحوه، لقوله: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ}.

* * *

* قال الله - عزّ وجل -: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١٠)} [الأنعام: ١٠].

قوله: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} (اللام) هنا موطئة للقسم ومؤكدة له، و (قد) للتحقيق وهذا يرد في القرآن كثيراً، وعلى هذا فالجملة تكون مؤكدة بثلاثة مؤكدات: قسم مقدر، والثاني (اللام)، والثالث (قد).

وقوله: {اسْتُهْزِئَ}، أي: سُخِر، بدليل قوله: {فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ}، أي: سخروا به، وقالوا: {أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} [الأنبياء: ٣٦] وقال تعالى أيضاً {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨)} [هود: ٣٨].

وقوله: {بِرُسُلٍ} نكرة في سياق الإثبات لا تدل على العموم، أي: لا تدل على أن جميع الرسل سُخِر بهم، واعلم أن النكرة في سياق الإثبات لا تدل على العموم إلا إذا قام الدليل على هذا العموم، مثل قول الله - تبارك وتعالى -: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥)} [الانفطار: ٥] وقوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)} [التكوير: ١٤] فهنا (نفس) نكرة في سياق الإثبات، لكنها للعموم إذ معنى الآية: (علمت كل نفس).

<<  <   >  >>