وقوله:{لَمَّا جَاءَهُمْ}(لما) نعربها ظرفًا بمعنى (حين)، وفي هذه الحال تكون مبنية؛ لأنها حرف وليست مشابهة للحرف؛ لأن أصل البناء كما تقدم هو مشابهة الاسم للحرف، لكن هذه نفسها حرف فتكون ظرفًا لكنها مبنية على السكون في محل نصب بمعنى حين.
قوله:{فَسَوْفَ}(الفاء): عاطفة، ويحتمل أن تكون للسببية أيضًا، أي: سوف يأتيهم المَخْبَر الذي أُخْبِروا به، والأنباء أتتهم من قبل، فيكون المراد سوف يأتيهم عقوبة الأنباء التي كانوا يستهزئون بها.
قوله:{مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}، أي: يتخذونهم هزوًا ولعبًا وضحكًا، وكما نعلم جميعًا أن الكفار يتخذون الدين هزوًا، كما أنهم يتخذون أهل الدين هزوًا أيضًا. قال الله تعالى:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}[التوبة: ٦٥] , وقال - عزّ وجل -: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١)} [المطففين: ٢٩ - ٣١]، فقوله:{مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} يشمل استهزاءهم بالدين، واستهزاءهم. بالرسل، وبأتباعهم، بل وبالله - عزّ وجل -، وسيجدون هذا.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: أن هؤلاء - مع تواتر الآيات عليهم - كذبوا بالحق، ولم يستجيبوا له، والتكذيب بالحق بعد مجيئه أشد من التكذيب به قبل أن يأتي، بحيث يسمع الإنسان عنه ولكنه لم يتأكد، فإن هذا الذي أتاه الحق وكذب به يكون تكذيبه أعظم.