الفائدة السادسة: النداء بالبلاهة والغفلة لأولئك القوم الذين عرفوا أصلهم ومنشأهم ثم يمترون، ويشكون في الأجل المسمى عند الله وهو يوم القيامة، ففي سورة الجاثية احتج الذين ينكرون البعث وقالوا: {ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥)} [الجاثية: ٢٥]، فماذا نقول في هذه الدعوى؟ نقول غير صحيحة؛ لأن الذين أخبروا بالقيامة لم يقولوا: يبعثون الآن، ولكن هذا من باب التشبية الذي يقصد به إضلال الخلق.
قوله:{وَهُوَ اللَّهُ}(الله) عَلَمٌ على الرب - عزّ وجل -، لا يكون لغيره، وهذا متفق عليه بين المسلمين، وهو علم مشتق من الألوهية، وأصله الإله، واعلم أن جميع أسماء الله مشتقة كما هو ظاهر، فليس هناك اسم، جامد لله - عزّ وجل - أبدًا.
وقوله:{السَّمَاوَاتِ} متعلقة بالاسم؛ لأننا قلنا: إن هذا الاسم مشتق، والمشتق يجوز التعلق به كما قال ناظم قواعد الإعراب:
لا بُدَّ للجارِّ من التَّعَلُّقِ ... بفعلٍ أو معناهُ نحو مُرْتَقِي
إذًا {فِي السَّمَاوَاتِ} متعلقة بلفظ الجلالة؛ لأنه مشتق، والمشتق يجوز تعلق الجار والمجرور به، لكن ما معنى قوله تعالى:{فِي السَّمَاوَاتِ} المعنى: أنه على السماوات، وليس المراد أنه فيها وهي محيطة به؛ لأن هذا مستحيل، والله تعالى أكبر من كل شيء، أو نقول: إن المراد المعنى ليس الذات، بمعنى أنه مألوه في السماوات، يتأله إليه أهل السماء.