الفائدة الثانية: إثبات الفوقية لله - عزّ وجل - لقوله:{فَوْقَ عِبَادِهِ} وتقدم أنها فوقية مكان، وفوقية مكانة، أما فوقية المكانة فما أحدُ من المسلمين يتنازع فيها، وهي الفوقية المعنوية، أما فوقية المكان فقد تنازع المسلمون فيها على طرفين ووسط.
الطرف الأول: يقول إنه - سبحانه وتعالى - في كل مكان في السماء وفي الأرض وفي الأسواق وفي المساجد وفي المدارس وفي كل مكان، ولا يخفى ما يلزم على هذا القول الباطل من اللوازم الفاسدة، كمخالفة النصوص ومخالفة الفِطَر، ومخالفة العقول، ووصف الله تعالى بما لا يليق بجلاله وعظمته.
ولو قال قائل: من يقول إن الله في كل مكان هل نعتبره مسلماً؟ فالجواب: هم ينتسبون للإسلام، ولذلك يعدون من الفرق الإسلامية، وبعض العلماء - رحمهم الله - أخرج الجهمية من الفرق الإسلامية.
والطرف الثاني: على العكس مما قاله الطرف الأول، فقالوا: لا يجوز أبداً أن نثبت أن الله في مكان، لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، ومعلوم أن هذا القول؛ يعني العدم.
ولهذا قال محمود بن سُبَكْتَكِين - رحمه الله -، وهو من أقوى الأمراء والسلاطين في المشرق، لمحمد بن فورك لما سأله عن علو الله فقال: إننا لا نقول: فوق ولا تحت إلى آخره، قال: فرِّق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين العدم (١) وصدق - رحمه الله -.
(١) ذكرها ابن تيمية في درء التعارض (٦/ ٢٥٣)، والذهبي في السير (١٧/ ٤٨٦).